… يبدأ اليوم لدى الجميع بعد صلاة الفجر وقبل شروق الشمس في الغالب الكل يصحو باكراً الرجال إلى مزارعهم التي تكون بعيدة عن القرية أو حولها … بعضهم يحتاج إلى ان يمشي اكثر من ساعة قبل أن يصل إلى مزرعته التي تكون في اسفل الجبل ويبدأ بالسفر بعد صلاة الفجر ويحمل فوق ظهره (حزبه) وهى وعاء من الخوص على هيئة زنبيل كبير به علاقيات يدخل يده فيها ويتم تثبيتها على كتفيه… بداخلها (كوز ماء) من الفخار أو زمزمية حديد مغطى بكيس مبلل من الخيش وقد يحمل على ظهره (قنم) وهو أيضاً وعاء من جلد البقر يوجد في وسطه علاقات يتم تثبيتهما في كتف الرجل وإلى جانب الماء هناك قطع من الخبز المعد من اليوم الأول وقد يكون من (اللحوح) حسبما هو متوفر في المنزل … الزراع الميسورون يحملون معهم إناء لعمل القهوة عند الظهيرة وقت الغداء وقد تكون القهوة من قشر البن أو من نباتات أخرى حسبما هو متوفر فليس كل مزارع يستطيع الحصول على القشر.
يظل المزارع يعمل في الحقل حتى يشاهد الشمس تميل نحو الغروب فيأخذ أمتعته ويبدأ رحلة العودة إلى محله أو قريته وغالباً يصلي المغرب في الطريق ويعود والظلام دامس يغطي منازل القرية ويشاهد الأنوار الخافتة تظهر من الشبابيك ،هذه الأنوار صادرة عن فوانيس تعمل بالقاز أو مسارج صغيرة تصنع محلياً تسمى تنكة عبارة عن علبة مثل علبة الفول ولها غطاء وفي وسط الغطاء فتحة تخرج منها (ذبالة) وهي عبارة عن خيط قطني سميك يسحب (القاز) من أسفل العلبة لكي ينير رأس الذبالة ونوره يشبه نور الشمعة السميكة والقاز هو (الكيروسين).
يصل المزارع إلى منزله ويذهب فوراً إلى المسجد ليصلي العشاء إذا لم يتأخر عليها لأن الفارق بين صلاة المغرب والعشاء حوالي نصف ساعة أو أكثر قليلاً ثم يدخل إلى بيته ليتناول طعام العشاء وهو طعام بسيط مكون من قطعة خبز مع قليل من (الرائب) وهو اللبن المخمر المنزوع منه السمن بطريقة (الخض) المستمر للحليب الذي تم تجميعه من اليوم الأول في إناء من الدباء الكبير الحجم (دبيه) .
في معظم الأحيان يجد أن الأطفال قد ناموا لأنهم طوال النهار في عمل مستمر بين الشمس، ثم ينام وهكذا اليوم الثاني وكل يوم على نفس المنوال حياة رتيبة ، ويوم الجمعة هو اليوم المميز فالمزارع لا يذهب إلى الحقول البعيدة بل يذهب إلى الحقول القريبة الموجودة حول القرية.