كم بدا التاجر مضحكاً في دكانه الإعلامي المسمى (سهيل) وقد اخذ راحته وخلفه العلم أمام تلك الأسئلة التي أعدت على عجل للمذيع التحفة الذي ظل يلقيها سؤالاً بعد آخر على مسامع الاحمر دون انتظار بعض الإجابات، باعتبار أن الأسئلة كانت هي الأهم وليس مهماً ما سيتم الرد عليها من إجابات، وحيث بدا مضطرباً أمام عدسات الكاميرا زائغ العينين وتائهاً يحاول جاهداً وعبر هذه المقابلة الخصوصي التي أعدت له لإيصال رسالة ليقول من خلالها شيئاً سوداوياً ظل يستوطن نفسه المليئة بأحقاد وضغائن، ظلت تتراكم على شخص رئيس الجمهورية لم يستطع ان يكتمها خاصة بعد أن رأى بأن كل الأحلام والأوهام التي بناها في مخيلته والأموال التي أنفقها على “ارزقيه” وبقايا محنطين ليلَمِّع صورته وتسويقه ضمن صفقة تجارية، أراد ان يربح من ورائها كعادته بنفسه كيفما كان الحال وكانت الوسيلة ومدى مشروعيتها.
التاجر خبيث وخلال تلك المقابلة في “سهيل” لم يقل شيئاً جديداً أكثر مما قاله سابقاً عبر “الجزيرة”، وفي كلاهما افتقد خبيثا الحصافة وأظهر النية السيئة بل بدا وكأنه يصر على تقديم نفسه في صورة الشجاع الجريء، الذي لا يخاف أحدا فيما يجاهر به من قول وشطحات وأباطيل مضللة ما انزل الله بها من سلطان، فهو حين يتحدث منددا بالفساد ينسى انه غارق في أوحال الفساد حتى أذنيه، وهو أول من يعلم كيف اكتنز الأموال دون وجه حق وانتزعها بالباطل والفهلوة و”العفاط” من أفواه غيره، وكيف تحايل على الأموال العامة بتهربه من دفع الضرائب المستحقة على تلك الشركات العديدة التي انشأها ضمن إمبراطوريته التجارية وفي مقدمتها شركة (سبأفون) للهاتف النقال، وهي قضية منظورة حالياً أمام نيابة الأموال العامة.
ناهيك عن تهربه من دفع ما على (سبأفون) من التزامات للمؤسسة العامة للاتصالات او غيرها، وحين يتحدث الهمجي خبيث عن التوريث ودولة النظام والقانون فان الأمر يبدو مضحكاً حقاً ومثيراً للسخرية، فهو لا ينظر إلى أبعد من أرنبة انفه ليرى أي توريث قد حدث بالفعل وأين؟! ومن ورث من؟! ومن هو الطامع للتوريث والساعي له؟! وان من يتحدث عن نواياهم في التوريث هو أول من يعلم بان هذا الأمر لم يدر في خلدهم حتى الآن وربما لا يرغبون في ذلك ولا يحتاجونه.
كما أن خبيث لا يخفى تعصبه الهمجي وتلويحه بالاتكاء على عصى قبيلته “حاشد” عند أول منعطف يشعر به بأنه في مواجهة خطر يتهدده، بل ان في تصرفات حميد وعنجهيته في بعض الأحيان ما يبرز نزعته القبلية والجانب المختلف فيها، لهذا لم يحتمل حتى مجرد رأي قيل او بث في رسالة (sms) عبر شبكته لزميلنا الصحفي “قطران” ولم يعجبه، فسارع إلى طرده ومنازعته في مصدر رزقه، واذا كان قد فعل ذلك وهو مازال مجرد عضو في صفوف معارضة هزيلة تتوالى انتكاساتها كل يوم ومع كل جولة انتخابية، فكيف سيكون الحال لو امسك خبيث طبقاً لطموحاته ومغامراته التي لا يخفيها بالسلطة؟!.. كيف سيتعامل مع خصومه ومعارضيه وماذا سيفعل بهم؟!!.. أما حديثه عن الشعب الذي سيقف إلى جانبه ورهانه على صناديق الاقتراع للحسم، فان ما يمكن أن يقال عنه بان شر البلية ما يضحك فعلاً، فلماذا الهروب من خوض الانتخابات النيابية القادمة؟!! ولماذا كل هذا الجدل “السفسطائي” بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك؟!.. على ماذا إذاً وهل الشعب أعمى بصيرة حتى يسلم قيادة نفسه إلى عميان بصر وبصيرة وفاشلين لم يستطيعوا حتى قيادة أنفسهم فكيف بغيرهم؟!!.
وفي كل الأحوال كان يتحدث “لسهيل” بإسهال مقرف أشبه بمهرج في سيرك تناثرت كل المساحيق والألوان والأصباغ على وجهه، فلم يعد يضحكنا او يسلينا بحركاته البلهوانية، ولكنه أشعرنا بالرغبة في البكاء وعلى الحال البائس الذي وصل إليه.