القرية التي أتحدث عنها عبارة عن مدينة مصغرة تحتوي على أكثر من مائة منزل بعض هذه المنازل قديم جداً وبعضها حديث وحديث هنا تعني خمسين سنة على الأقل وهناك منازل قليلة جداً يقل عمرها عن عشر سنوات .
وتنقسم القرية تقريبا إلى قسمين قسم كان يحتوي على أبواب خمسة وسور معظمه منازل متراصة كالسور وعمر هذا القسم غير محدد ولكنه قديم جداً بدون أن نتمكن من تحديد كم هو قديم فليس هناك كتابات تدل على أي منزل متى تم بناؤه.
منازل هذا القسم متراصة متلاصقة شوارعها ضيقة جداً ومبانيها متمايلة ولكنها مسكونة بالبشر وتقع كثير من هذه المنازل على حافة الجبل من الجهة الغربية وهي عبارة عن حصن منيع وارتفاع المنازل من دورين إلى أربعة أدوار في هذا الجزء من القرية وبها بعض المنازل الخربة وهي مكونة من عدة حصون متداخلة بحيث كان يتم اضافة منازل خارج سور الحصن الأساسي ويتم البناء فيها لتكون مكملة للحصن السابق لها ولذلك تجد ان القرية القديمة تحتوي على عدة اسوار داخلها لزيادة تحصينها ولضم المنازل الجديدة اليها لتكون وحدة واحدة.
القسم الثاني (الأحدث) وهي حداثة كما قلت نسبية فهناك منازل خارج أسوار القسم الأول وعمرها أكثر من أربعمائة سنة عرفنا ذالك من تاريخ مكتوب على خشب باب أحد المنازل وكان البناء خارج أسوار القرية القديمة ناتج كما يبدو عن زيادة السكان وعدم وجود أي فراغ داخل أسوار القرية القديمة على الإطلاق فكان طبيعي أن يخرج بعض السكان من القرية للبناء خارجها، ويبدو أن القرية كانت تتعرض للكثير من الاعتداءات دل على ذلك الأبواب والسور الحصين الذي كان موجوداً في فراغات قليلة جداً بين المنازل لأن المنازل كما قلنا تشكل سور بتلاصقها وعدم وجود أي فراغات فيما بينها والمنازل الموجودة خارج القرية تتألف من منازل حديثة نسبياً وقديمة نسبياً واكرر هناك كلمة نسبياً أن الحديثة قد تعني مائة سنة والقديمة تعني أربعمائة سنة أقول هذا لتقريب الصورة من ذهن القارئ.
ومنازل هذا الجزء أكثر استقامة وحجرها أكثر (تشذيباً) أي أنه تم بنائها بعناية والشوارع أكثر اتساعاً ويلاحظ أن هذه المنازل تم بناءها على هيئة كتل متباعدة كل أربعة أو خمسة منازل تشكل كتلة واحدة متراصة وملتفة على بعضها البعض وهي لأسرة واحدة كما يبدو للناظر اليها لأنها متداخلة، وفي فترات لاحقة تم ملئ الفراغات بين هذه الكتل حتى أصبحت متقاربة إلا أن الناظر إليها بتمعن يجدها عدة محلات كانت متباعدة ولكن بفعل التطور والتوسع الطبيعي تلاقت هذه المحلات وأصبحت قرية واحدة والجزء الحديث مكون من سبع أو ثمان مجمعات سكنية كانت متفرقة تفصلها المزارع ولكنها كما قلت ملئت بالمنازل التي وصلت بينها وهذه المجمعات واضحة في ترابطها فهي مبنية متجاورة تماماً ولها بابين في الغالب فقط وفي وسطها فراغ للانتقال من مبنى إلى آخر وتقفل الأبواب من بعد صلاة المغرب وتفتح مع صلاة الفجر.
وفي القرية مسجدان قديمان أحدهما صغير وهو في القسم الأول أي داخل القرية المسورة ويبدو أنه قديم بقدم القرية نفسها والثاني أكبر من الأول وهو في أسفل القرية في القسم الحديث منها وهناك مسجد ثالث حديث عمره لا يتعدى العشر سنوات ووجوده فرضه التطور والاتساع الذي شهدته القرية أول القرن العشرين.
وبالنظر إلى المنازل فإنها على نفس الطراز من حيث الشكل مع اختلاف في التفاصيل الداخلية من حيث حجم الغرفة أو مقدار الإضاءة وحجم النوافذ وحسن البناء من عدمه.
والمنزل يتكون في الغالب من دورين إلى أربعة أدوار وهناك منزلين في القرية يبلغ عدد أدوارها خمسة أدوار وفي القريه القديمة يلاحظ ان البناء كان يتم على اساس ملاحق يتم اضافتها إلى المنزل القديم فتجد ان الغرف متداخلة في بعضها البعض كما ان بعض الغرف أعلى او اخفض من بعض نتيجه لعدم استواء الأرض التي يتم البناء عليهاوعدم الأهتمام بالشكل حيث يستطيع الناظر إلى الشكل العام لمنازل القرية ان يلاحظ الفروق في الأهتمام بالشكل الداخلي والخارجي للمنازل المكونة للقرية ويبدو ان القدرة المادية إلى جانب الفترات الزمنية التي مرة على القرية هي التي حددة ذلك
المصدر/كتاب القرية شيء من الماضي للاستاذ/عبد الله النويرة