موسم الزراعة ومراحله المختلفة

لو عرجنا إلى مراحل الزراعة المختلفة فإنها تبدأ بمرحلة تسمى الصيف ويقوم المزارعون بتنظيف مزارعهم من بقايا المزروعات التي تم حصدها في نهاية الموسم الماضي وهذه البقايا المكونة من جذور المزروعات تسمى (العراكيز) وتختلف في حجمها وقوة ثباتها في الأرض حسب نوع المزروعات فهناك جذور (عراكيز) شديدة القوه وصعبة الإزالة وتحتاج إلى جهد كبير لإزالتها وهناك جذور سهلة القلع من الأرض .. وهذا الموسم- موسم الصيف- يتم فيه تسوية مبدئية للأرض وإزالة كل البقايا وكذلك بناء ما تخرب من (الريادي) (وهي المباني التي تحفظ التربة في المدرجات الزراعية) ويتم أيضا تنظيف التربة من الأحجار الصغيرة التي تظهر في وسط التربة وتوضع في أطراف (العبر) (وهي الأرض التي تشكل المدرجات الزراعية) وقد تسمى (المحقس) وتعني الأرض المحددة ببناء يحفظ تربتها وهناك (الحقبة) وهي الأرض الصغيرة التي لا يمكن أن يحرثها الثور لصغرحجمها . وبعد أن يتم تصييف الأرض يأتي موسم (الحرث)وهي عملية تقليب الأرض بالمحراث ويجر المحراث ثور أو بقرة وعملية الحرث مهمة لتهوية الأرض واقتلاع ما تبقى من الجذور في الأرض ومهمة لخلط التربة مع السماد البلدي فالمزارع يكون قبل الحرث قد قام برش كمية كبيرة من السماد البلدي العضوي في الأعبار ويسمى (الذبيل) وهو من مخلفات الحيوانات ويكون المزارع قد قام بإخراج هذا السماد (الذبيل) من (السوافل) وهي أماكن سكن الحيوانات في الأدوار الأرضية من المنازل أو الغرف الخارجة عن المنزل وبعد اكتمال الحرث لجميع المزارع يبدأ المزارعون (بتطييب) الأرض ومرحلة (الطياب) تعني تسوية الأراضي وتكسير الكتل الطينية التي نتجت عن عملية الحرث ويحاول المزارع في هذه المرحلة أن يعدل الأرض بحيث تكون مستوية تماما حتى تستوعب الماء عند سقوط المطر بشكل متساوي فلا يكون هناك أماكن مرتفعه وأخرى منخفضة لان ذلك يعني أن الأرض المرتفعة لن تأخذ حاجتها من ماء المطر وبذلك لن تصلح للزراعة فاستواء الأرض وتعديلها مرحلة هامة من مراحل تهيئة الأرض للزراعة .
عند حلول موسم وضع البذور يكون المزارع بانتظار الأمطار وهي غالبا تأتي في مواعيد محدده وتبدأ مرحله (التلوم) أو (التلام) وهي مرحله تشبه حرث الأرض ولكن في الحرث يتم قلب جميع الأرض أما مرحله التلام فإن يتم شق الأرض بالمحراث بشكل متباعد وبخطوط متوازية حتى لا يزدحم الزرع ويكون المحصول غير جيد وتوضع البذور في (التلم) وهي الحفرة الطولية التي يشقها المحراث وتكون البذور متباعدة بمقدار خطوة رجل وعلى هيئة مربعة بحيث أن البذور في التلم المجاور للتلم الأول يكون في المنتصف بين موضع البذور وهذه تضمن عدم انحشار الزرع عند نموه وعدم تقاربه بشكل يضره لأن تقارب الزرع يؤدي إلى ضعف النبتة وبالتالي ضعف المحصول وهذه حكمة عرفها المزارعون بالتجربة والخبرة المكتسبة على مدى التاريخ الزراعي الموغل في القدم وتختلف المسافة بين (مزجد) وأخر حسب نوع المحصول فهناك بعض المحاصيل تحتاج إلى مسافات أكبر من غيرها و (المزجد) هو مجموعة البذور التي تنمو متجاورة والمسافة بينها تختلف حسب نوع البذور فالمسافة بين بذور (الدخن) تختلف عن المسافة بين بذور (الغرب) وهو الذرة البيضاء وتختلف عن المسافة بين بذور الذرة نوع (الكبور)وهي ذرة تمتاز بأن سيقان الزرع تكون عالية جداً تصل إلى المترين والثلاثة الأمتار لأن المنطقة الحارة تختلف في محصولها من حيث الشكل عن المناطق الباردة .
موسم بذر البذور يسمى (المحتم) بكسر الميم وهو من (محتوم) وقت محتوم ومحدد فلكل نوع من البذر(محتم) يختلف عن غيره فالكبور أولاً ثم (الدخن) بعده بحوالي عشرين يوماً إلى شهر ثم يأتي الغرب وهو أقصر مدة من الجميع في الزمن الذي يحتاج إليه حتى يتم حصاده والعكس عند الحصاد .
أثناء عملية بذر البذور للذرة أو الدخن تقوم النسوة بوضع بذور (الدجرة) (والكشد) (والكشري) وهي من حبوب البقوليات يتم وضع بذور هذه الحبوب في منتصف المسافة بين بذور الذرة وهذه البذور تابعة للنساء لأنها أعلاف للمواشي وهناك صراع سنوي بين هذه البذور وبذور الذرة وفي الواقع هي تشكل محصول ثانوي واقتصادي هام جدا فإلى جانب أن المرأة تستمر طول العام بالاستفادة من هذه المحاصيل على هيئة علف للماشية فإنها في آخر العام تجني الكثير من بذور هذه المحاصيل ويستفيد منها المزارع أيما استفادة .
عندما تبدأ البذور بالظهور على سطح الأرض على هيئة مزروعات صغيرة وبمجرد أن يصبح ارتفاعها حوالي عشرة إلى خمسة عشر سنتيمتر يبدأ المزارع بمرحلة (البدود) وهي عملية قلع الزائد من المزروعات الصغيرة بحيث يبقى خمس أو ست جذور فقط لان المزارع يعلم أنه كلما زاد عدد الشتلات الزراعية كلما كان المحصول ضعيف فهو في هذه المرحلة يترك خمس أو ست شتلات وهي في المرحلة القادمة سيعمل على تقليل هذا العدد إلى أربع فقط وهو يترك اثنين كنوع من الاحتياط للطوارئ وا يستخدمها علف للحيوانات في المستقبل إذا لم يحتاج إليها.
وبعد (البدود) تأتي مرحلة (الرمث) وهو يقوم بتخريش الأرض حول النباتات ويزيل الحشائش الضارة من بين الزرع ويعمل على تهوية التربة بهذه الطريقة .
قد تأتي في الغالب فترة (جحيرة الرمث) وهي فترة جفاف قد تمتد إلى أربعين يوم ويموت في هذه الفترة الكثير من المزروعات ولكن بمجرد نزول المطر بعد هذه الفترة تمتلئ الأرض بالمزروعات وكأنها كانت نائمة والأماكن التي لا تنموا فيها المزروعات يقوم المزارع بقلع الزائد في (المزاجد) ويزرعها في الأماكن الفارغة .
يأتي مرحلة (الحجون)وفيها يكون (الزرع) قد ارتفع حتى يغطي الإنسان الواقف وسطه وفي (الحجون) يقوم المزارع بحفر حفر عميقة مربعة لكل أربعة (مزاجد) ويجمع التراب حول المزاجد حتى يحميها من الانحناء عند هبوب الرياح الشديدة وقت الأمطار خاصة أيام نجم (سهيل) ونجم (الروابع) وسوف نتعرض لنجوم الزراعة لاحقا وهذه الحفرة لها عدة فوائد فهي تعمل على تحميع مياه الأمطار عند المزروعات وتحفضها من التأثر بالرياح وتساعد على تهوية التربة ودخول الأوكسجين إلى التربة.
عند خروج (العذق) وهي السنابل المملوءة بالحب واصفرار أوراق المزروعات تبدأ مرحله (النصيد) وهي مرحلة حصاد المزروعات وذلك بقص الزرع من أسفله بالقرب من الأرض وتبقى السنابل في أعوادها تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أيام ثم تأتي مرحلة (القطاف) وهي فصل السنابل عن أعوادها و نقلها إلى المخازن وتقوم بهذا العمل الأسرة بكامل أفرادها ثم تقوم النسوة (بتحزيم) العيدان التي تكون قد أصبحت يابسة على هيئة حزم متساوية وتسمى (الصومي) وهي تحفظ فوق بعضها على هيئه منشور دائري القاعدة تسمى (الشونه) ويستخدم علف للحيوانات أيام الجفاف وأيام الصيف عندما يندر وجود علف اخضر للماشية ويبقى في المزرعة بعض العيدان الخضراء من بقايا الزرع ونبات (الدجره) (الكشد) (والكشري) وهو يتضخم بعد أن يكون الزرع قد أزيل وتقوم النساء بالاهتمام بهذه البقوليات ولا دخل للرجل فيها باعتبارها أعلاف للحيوانات وهذه مسؤليه النساء ثم يقوم المزارع بتمهيد جزء من الأرض بجوار منزله يسمى (المجران) تتم فيه عملية (الخبيط) وهي عملية ضرب السنابل المملوءة بالحب بعصي خاصة تسمى (الحنية) وهي عبارة عن عصى طويل يصل طولها إلى مترين ومعطوفة من منتصفها بزاوية منفرجة تساعد المزارع على (خبط) ضرب السنابل وإخراج الحبوب منها وهي عملية شاقة ومتعبة ثم يقوم (بمذح) الذرة الخارجة من السنابل وهي عملية تعريض البذور للرياح يصبها من فوق رأس المزارع إلى داخل أناء خاص بذلك ويقوم بنقل الذرة الناتجة إلى داخل (المدفن) وهي حفرة عميقة في الأرض ويكون لها فتحة على عمق متر من سطح الأرض وتكون محكمة الإغلاق حتى لا يكون هناك تسرب للهواء فتفسد الذرة ولذلك عند فتح المدفن يقوم المختص بإنزال شمله طويلة ويظل يحركها لفترة قد تمتد لساعة كاملة لتهوية (المدفن) وللتأكد من أن المدفن اصبح كامل التهوية يقوم المزارع بإنزال فانوس بحبل إلى اسفل المدفن فإذ ظل مشتعلا فهذا يعني أن بإمكانه النزول بأمان وهذه خبرة اكتسبها على مر السنين.
أما إذا إنطفأ الفانوس فإن ذلك يدل إلى أن الأكسجين غير كافي في المدفن وأن عليه الاستمرار في تحريك الشملة لفترة طويلة وبعد أن يمتلئ المدفن بالحبوب يقوم المزارع بتغطيته بشكل محكم حتى يمنع تسرب الهواء إليه ولا يقوم بفتحه إلا عند الحاجة إلى أخذ الحبوب منه.
وبذلك يكون قد انتهى موسم زراعي كامل وهناك تفاصيل لم أتطرق لها لأنها كثيرة ومتشعبة.
ويرافق الموسم الزراعي موسم آخر لا يقل أهمية من الحبوب ولكنه موازي له ويكتسب أهمية كبيرة لدى المزارع وهو موسم (علان) وهذا الموسم هو موسم حصاد (الحشيش) وهي الحشائش التي تنمو في المزارع الغير مزروعة بالذرة وهذه الحشائش هامة كعلف للحيوانات فالمزارع يهتم بطعام حيواناته كما يهتم بطعام أولاده والحشائش لا تحتاج لنفس العناية المبذولة للحبوب ولكن لها طقوس خاصة بها من ذلك إزالة الأشجار الشوكية الموجودة بين الحشائش ومحاولة وضع حواجز بسيطة للماء وحماية (المحش) من الرعي من قبل الحيوانات (والمحش) هو اسم المكان الذي تنبت فيه هذه الحشائش ويكون ارتفاع الحشائش بين خمسين سنتيمتر إلى متر أحيانا ويقوم المزارعون بقص هذه الحشائش (بالشريم) وهو المسمى (المنجل) ويصنع محليا وهو يشبه السكين ولكنه معكوف من طرف ومشرشر ثم يقوم المزارعون بعصر هذه الحشائش والعصر هنا يعني لف الحشائش بعضها على بعض مثل الحبال ولكن بشكل أضخم ويعطف على بعضه البعض ثم يترك حتى يجف وينقل بعد ذلك إلى المخازن الخاصة بالمنازل ويستخدم مثل (الصومي) الناتج عن عيدان الذرة كعلف يابس للحيوانات في فترات الجفاف التي تطول أحيانا أشهر عديدة ويسمى (العصير) لأن الحشائش يتم عصرها وجدلها على هيئة جدائل مضفورة كما قلنا سابقا .
وبانتهاء موسم الحصاد وينتهي تقريبا عمل المزارع ويكون ذلك في الغالب في موسم الشتاء فيرتاح فترة قصيرة من شهر إلى شهرين وهي فترة ليست راحة بالمعنى الصحيح لأنه يتخللها الكثير من الأعمال من ذلك إخراج السماد من (السوافل) وهو المسمى (الذبيل) وتجميعه خارج البيوت في مكان يسمى الصبة حيث يكون فوق بعضه البعض ويترك ليتخمر فبل نقله إلى الحقول .
وفي هذه الفترة يقوم المزارع بتقليم الأشجار الموجودة في المزرعة ويسمى (الفراع) مثل أشجار الذرح وهي أشجار ذات ارتفاعات كبيرة وتستخدم سيقانها في أسقف المنازل لمتانتها ويستخدم الغصون التي يتم قطعها كحطب وكذلك يقوم المزارع بتقطيع الأشجار الموجودة بجوار المزرعة لأن هذه الأشجار تكون (غور) على الزرع الذي سينمو أي سوف تكون مؤثرة على النباتات التي يزرعها المزارع من خلال امتصاص السماد والغذاء من المزروعات فهو يقوم بتقطيع الأشجار أو الشجيرات الموجودة على أطراف المزرعة أو بجوار أسوارها و من الأشجار الموجودة في القرية وقد تكون نادرة شجرة مثل (التولق) أوالتالوق وهي شجرة تصل إلى أحجام كبيرة جدا ويستفاد منها كعلف للحيوانات خاصة الجمال والأبقار أما خشبها فهو يصلح للاستخدام حتى كفحم وهناك شجرة (الطنب)وهي من افضل الأشجار في نوعية الخشب المستخدم في صنع الأبواب والشبابيك الخشبية وهناك شجرة (البراء) وهي شجرة (الجميزة) وهي من الأشجار المعمرة ومهددة بالانقراض.
وهناك شجرة تسمى (اللبخ) شجرة ضخمة وبذورها تؤكل وتشبه بذورها فاكهة الكمثرى(العنبرود) كما ذكرنا ولكن بحجم أصغر وهي من الأشجار النادرة تماما وخشبها صلب جدا إلى درجة أن المسمار الصلب لا يخترقها بسهولة عند يباسها ولا يصيب خشبها أي (عثاث) أو تسوس وهناك أشجار (الذرح) الذي سبق ذكره وهناك (الذرحة) وهي أشجار ضخمة تنمو في الأودية التي يسيل الماء فيها وتستخدم كحطب ويستخرج منها (القطران) الذي تدهن به الإبل لوقايتها من الجرب وكذلك تدهن الأبواب والشبابيك بالقطران
وهناك أشجار (الحمر) وتسمى (الحمرة) وهي التي ينتج منها ثمار (التمر هندي) وهو يسمى هناك الحمر.
وهناك أشجار (العرج) وهو أشجار السدر المعروف بجودة عسل أزهاره .
وهناك أشجار (القوع) وهي أشجار كبيرة تستخدم لأسقف المنازل وللأبواب و الشبابيك وهناك أشجار (الشدن) وهي أشجار صغيرة ولها حبوب تشبه التوت وهي ذات أشواك هذه بعض أنواع الأشجار التي تتميز بها القرية وهناك عشرات الأشجار و الشجيرات النادرة الموجودة حول القرية والتي تنمو دون عناية من أحد .
وبعد انتهاء موسم الحصاد قد تهطل أمطار تؤدي إلى استمرار الموسم الزراعي من خلال نمو (الشول) من جذور المزروعات المقطوعات و(الشول هو نمو النباتات من جذور النباتات السابقة) ويفيد هذا (الخلف = الشول) المزارع كعلف للحيوانات وكذلك قد يصل إلى مرحله إنتاج الذرة وبعض المزارعين يقومون بزراعة (الربيع) وهو بذر بذور (البر) البلدي والحلبه والشعير أو (الروم) وهو الذرة الرومي (الحبش) أسماء كثيرة المهم إن نزول المطر بعد مرحلة الصراب يؤدي إلى استمرار الدورة الزراعية فالمزارع عندما يقوم ببذر بذور(محتم) الربيع فإنه لا يقوم بأعمال كثيرة لخدمة هذا المحصول لأن هذا النوع من المزروعات تختلف عن المزروعات السابقة فالشعير والبر (الحنطة) يتم (سفخها) وهي عملية نثر البذور بكميات كبيرة في (التلم) ولا تكون متباعدة بل متصلة وبعد نموها قد يقوم المزارع بتنظيف الحقل من الحشائش الضارة أما (الرومي) فإنه يحتاج إلى جهد أكبر وعمل أحواض حول النباتات ويتم بذر بذور الرومي كل بذرة لوحده والفرق بين الزرعة وأختها حوالي قدم لأن ازدحام النباتات سيؤدي إلى ضعف المحصول وصغر حجم أكواز (الذرة = الرومي) وكلما زاد سقوط المطر كلما كان المحصول أوفر وأحيانا لا يجني المزارع أي ناتج سوى علف للحيوانات إذا لم تسقط أمطار بكميات كافية والمزارع يعتبر أن علف الحيوانات يعتبر مكسبا كبيرا … طبعا لو أن المزروعات وصلت إلى مرحلة النضج فإن المزارع يكون قد استفاد فائدة عظيمة من خلال حصوله على ناتج إضافي من مزرعته وكان هذا هو الحاصل في معظم السنوات فلأمطار كانت تستمر فترة الشتاء فتستمر الدورة الزراعية لدى المزارع ويستمر في العمل طوال العام بدون كلل أو ملل لأن المحاصيل تكون حافزا له على العمل.
وبذكر محصول (البر) الحنطة والشعير فإن القرية لا تعرف شئ اسمه الدقيق وعندما تقوم الحقول بإنتاج الحنطة فإن المزارع يضع الناتج في أكياس من الخيش في المخزن ويقوم باستخدام حبوب الحنطة على وجبات الغداء كخبز يؤكل حارا على اللبن والسمن الحار وتعتبر وجبة الأغنياء وتؤكل في المناسبات والأعياد والمزارع يقوم ببيع كمية من الحبوب بعد موسم الحصاد لمواجهة متطلبات حياته ولتسديد ما عليه من ديون إقترضها من الموسرين طوال العام كما أنه يقوم بتسديد (القرضة) من (القرض) وهو إعادة ما اقترضه من الحبوب خلال العام من الموسرين الذين يقومون بإقراض المحتاجين الحبوب التي يحتاجون إليها على أساس أن يتم التسديد بعد الحصاد مباشرة وهذا ما يحصل بالفعل ويستحيل أن يتأخر أي شخص عن تسديد ما اقترضه عينا من الحبوب فور توفره لديه ولا يمكن أن يكون هناك أي زيادة في التسديد إلا أن الحبوب التي اقترضها المزارع في (رض السنة) أي خلال السنة تكون مستخرجة من المدافن وقد يكون قد لحقها بعض التعفن وتسمى (البسطة) وهي الذرة التي تأثرت جودتها حتى أصبح لها رائحة غير محببة ومع ذلك يتم غسلها وأكلها وطبعا المقترض يقوم بالتسديد بحبوب جديدة ولكن بنفس راضية لأنه كان بأمس الحاجة لما يسد رمقه في فترة متابعة الموسم الزراعي الطويل والمضني
نقلا من كتاب القرية شيء من الماضي للاستاذ/عبد الله النويرة