كان الصحابة متحلقين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل رجل من بعيد إلى مجلسه صلى الله عليه وسلم ، فالتفت إليهم صلى الله عليه وسلم ، وقال : " هذا الرجل قادم يريد مني مسألة ، وإني معطيه إياها إن شاء الله ، ولكن إذا سألنيها فاشفعوا له ، والله يُؤجركم على شفاعتكم ، وليقض الله على لسان نبيه ما يشاء " .
جاء الرجل وجلس ولم ينبس ببنت شفة . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألك حاجة يا رجل؟." قال : نعم يا رسول الله ، صلى الله عليك وسلم . وذكر حاجته . فكان أصحاب رسول الله يقولون :
- هو أهلٌ لفضلك يا رسول الله .
- ما علمنا عنه إلا خيراً يا رسول الله .
أحسن إليه يا رسول الله . فما عهدناك إلا محسناً .
كان الرجل ينظر إليهم مسروراً من شفاعتهم ، وقد أحبهم وشعر أنه منهم وأنهم منه . ... يا لـَهذا المجتمع المتحاب المتكافل ...
وابتسم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقد اكتسب إلى المسلمين واحداً آخر ، وعلم أصحابه أن يناصر بعضهم بعضاً .... وقضى للرجل حاجته .
جميل جداً أن يهتم المسلم بأمر أخيه فيعينه على قضاء حوائجه ، ويسعى بخدمته ، فإذا بالحب والود والشعور بالأخوة يتعمق ، ويصير المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضُه بعضاً .
وحب الصالحين يجعلنا معهم يوم الحشر . ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم " يُحشر المرء مع من أحب " فحبهم شفع لنا أن نكون معهم ، ورحم الله الشافعي إذ يقول :
أحب الصالحين ولست منهم --- لعلي أن أنـال بهم شـفـاعة
وأكره مَن تجارتـُه المعاصي --- ولو كنا سواءً في البضاعة
وفي رمضان الخير يعوّد المرء نفسه أن يكون سفير إخوانه إلى المحبة والود وحُسن الأخلاق ، وسفير الود وحسن الأخلاق إلى إخوانه سواء بسواء . فيسعى في خدمة إخوانه وقضاء حوائجهم ، فيسعدوا به ويسعد بهم ، وتتمكن الصداقة والأخوّة في قلوبهم وأفعالهم . ويبدأون السير إلى الله في الطريق الصحيح .